رفيق الروح
رَفيقَ الرّوحِ شِعْري يا رَفيقي *** لَقَدْ ضاعَتْ مَعالِمُها طَريقي
فَكُنْ لي مُرْشِداً في عَتْمِ لَيْلي *** نُجومُ السَّعْدِ ضَنَّتْ بِالْبَريقِ
وَهَبْتُ لَكَ الْفُؤادَ فَهَبْهُ نوراً *** وَأَطْفِىءْ في الْحَشا لَهَبَ الْحَريقِ
وَكُنْ شَهْماً إِذا ما هاجَ مَوْجٌ *** وَمُدَّ يَداً بِرَبِّكَ لِلْغَريقِ
رفيقَ الرّوحِ ما خُنْتَ الْقَوافي *** وَإِنَّكَ صاحِبْ الْأَصْلِ الْعَريقِ
كَغِرْبالٍ بِناتُ الدَّهْرِ حَقّاً *** وَضيقُ الْحالِ مُخْتَبَرُ الصَّديقِ
وَقَلْبي الدَّهْرُ مِنْ زَمَنٍ رماهُ *** بِغُرْبَتِهِ إِلى جُبٍّ عَميقِ
وَلَسْتُ كَيوسُفَ الصِّديقِ لكِنْ *** غِيابُ الْحَظِّ مِنْ صِغَري رَفيقي
رفيقَ الرّوحِ يا حُرَّ الْقَوافي *** رُعودٌ أَنْتَ إِنْ لَمَعَتْ بُروقي
يَهابُكَ كُلُّ جَبّارٍ عَنيدٍ *** كَلَيْلِ الظُّلْمِ في وَقْتِ الشُّروقِ
وَما فَرَّطْتَ في شَرَفٍ رَفيعٍ *** وَما عَرَفَتْ حُروفُكَ أَيَّ سوقِ
وَحَرْفُكَ لَمْ يَكُنْ مِزْمارَ حُكْمٍ *** وَلَمْ يَكُ عِنْدَ أَحْزابٍ بِبوقِ
عَلَوْتَ كَما الْمَآذِنِ في بِلادي *** تُعانِقُ قِمَّةَ النَّخْلِ السَّميقِ
رَفيقَ الرّوحِ يا عَذْبَ الْقَوافي *** (تُطِلُّ عَلَيَّ مِثْلَ أَخٍ شَقيقِ)
وَإِنَّكَ صاحِبي مُذْ رُبْعِ قَرْنٍ *** وَما تَنَكٌ كَما الذَّهَبِ الْعَتيقِ
وَلَمْ تَكْذِبْ عَلَيَّ وَلَوْ بِحَرْفٍ *** فَأَنْعِمْ بِالْأَخِ الثِّقَةِ الصَّدوقِ
وَإِنَّكَ جَنَّةٌ أُكُلاً شَهِياً *** لَنا آتَتْ وَلَمْ تَظْلِمْ حُقوقي
يَفوحُ الْعِطْرُ مِنْكَ عَبيرَ أُنْثى *** إِذا ما جُدْتَ بِالْغَزَلِ الرَّقيقِ
وَتُصْبِحُ مِثْلَما الصَّوفِيِّ فَجْراً *** إِذا ما طُفْتَ بِالْبَيْتِ الْعَتيقِ
رَفيقَ الرّوحِ يا عِطْرَ الْقَوافي *** وبَلْسَمَ جُرْحِ قَلْبي وَالْحُروقِ
عُقودَ قَصائِدي كَمْ صُغْتَ لَيْلاً *** مِنَ الياقوتِ أَبْهى وَالْعَقيقِ
كَنورِ اللهِ في أَلَقٍ يُداوي *** قُلوبَ الْغافِلينَ مِنَ الْعُقوقِ
وَيَسْري مِثْلَ وَمْضٍ مِنْ فُؤادي *** مَعَ الدَّمِ ثَمَّ يَجْري في عُروقي
رَفيقَ الرّوحِ يا شِعْري تَكَلَّمْ *** وَبُحْ فَالْقَلْبُ في كَرْبٍ وَضيقِ
وَأَنْتَ النّاطِقُ الرَّسْمِيُّ بِاسْمي *** تَصوغُ الْحُلْمَ بِالْحَرْفِ الْأَنيقِ
وَإِنَّكَ كاتِمُ الْأسْرارِ دَوْماً *** َويوفي الْحُرُّ بِالْعَهْدِ الْوَثيقِ
هَجَرْتُكَ صاحِبي عِشْرينَ عاماً *** وَعُدْتُ إِلَيْكَ مِنْ قَبْلِ الْخُفوقِ
أُحِلُّكَ مِنْ مَواثيقٍ غِلاظٍ *** لَكَمْ مِنْها غَصَصْتُ أَنا بِريقي
فَقُلْ لا تَخْشَيَنْ عَذْلاً وَلَوْماً *** وَبُحْ يا شِعْرُ بِالْحُبِّ الْحَقيقي
الظهران، 26.1.2015 جواد يونس